قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا .. تطور أم كمّ الأفواه
عنونت صحيفة الوطن السورية، الموالية للسلطة، تقريراً لها منذ يومين بعنوان “اقرؤوا جيداً”، متحدثة عن الجرائم الإلكترونية والقانون الخاص بها، ومشروع تعديل للقانون يجري العمل عليه.
وكشفت صحيفة الوطن أنّ مشروع تعديل قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية أو “الجرائم الإلكترونية”، ستصل تشديدات العقوبة فيه إلى سبع سنوات حبس وغرامات مالية إلى 10 ملايين ليرة سورية.
وقد صدر بموجب المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012، تطبيق أحكام قانون التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية، في سوريا.
قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا
وبحسب تسريب الصحيفة، نصت المادة 22 من مشروع تعديل القانون، بالسجن من 3 إلى 5 سنوات وغرامة 4 ملايين ليرة، من ينشر أخبار كاذبة على الشبكة، تهدف للنيل من “هيبة الدولة” أو “المساس بالوحدة الوطنية”، أو “إثارة الرأي العام”.
كما بيّن تقرير الصحيفة وجود مصطلحات فضفاضة، تؤكد العمل في جزء من مواد مشروع تعديل قانون جرائم المعلوماتية، على قمع الحريات بشكل واضح وصريح مثل:
- المادة 23، يعاقب من سنة إلى 3 سنوات، غرامة تصل إلى مليون ليرة، من ينشر أمر ينال من “شرف موظف عام” أو “كرامته” في معرض ممارسته لوظيفته.
- المادة 24 : يعاقب كل من ذم أحد الناس بشكل غير علني، بالحبس من شهر إلى 6 أشهر وغرامة 200 ألف، وتصل إلى سنة في حال الذم العلني.
- المادة 36: يستطيع النائب العام، تحريك الدعوى العامة، في جرائم “النيل من هيبة الدولة” أو “النيل من هيبة الموظف”، حتى إن لم يقدم المتضرر شكوى.
- المادة 6: يعاقب بغرامة من 2 إلى 4 ملايين، والحبس إلى ستة أشهر، مقدم خدمات الشبكة، الذي لا يقدم نسخة من المحتوى الرقمي، وبيانات الحركة للتحقق من هوية الأشخاص الذين يضعون المحتوى.
- بينما نصت المادة 7: بعقوبة مقدم خدمات الاستصافة الذي يقوم بإفشاء المحتوى الرقمي أو بيانات الحركة، بالحبس لسنتين وغرامة 3 ملايين ليرة.
- كما يعاقب مقدم خدمات الاستضافة الذي يمتنع عن حذف المحتوى، بالحبس لسنة وغرامة إلى 5 ملايين ليرة سورية.
تعديلات قانون رقم 17 لعام 2012 مكافحة الجريمة المعلوماتية
فيما احتوت بعض مواد مشروع القانون الجديد، معاقبة من يستحصل على تسجيلات صوتية أو مرئية أو صور لأشخاص دون رضاهم، أو معالجة صور أو تسجيلات لتصبح منافية للحشمة، وكل من هدد بشر صور أو تسجيلات منافية للحشمة، وكل من أغوى قاصر بصور أو تسجيلات، وكل من يستخدم الشبكة للاحتيال.
كما بينت أحد مواد مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، جواز حكم حجب الموقع الإلكتروني، من 3 أشهر إلى 3 سنوات، أو بالكامل، إذا استخدم لارتكاب أي من الجرائم الواردة في القانون.
مجلس الشعب يقرر كم أفواه الشعب
وزير الاتصالات السوري إياد الخطيب، أرجع سبب هذه التعديلات بحسب تقرير الصحيفة، إلى تطور الخدمات الإلكترونية المقدمة من الدولة، وضرورة تطوير الحماية القانونية.
لكن العناوين الفضفاضة مثل “هيبة الدولة” أو “المساس بالوحدة الوطنية”، أو “إثارة الرأي العام”، و “شرف موظف عام”، تؤكد العمل المبطن في جزء لايستهان به من زوايا التعديل الجديد، على إغلاق أخر متنفس للمواطن السوري، بعد حرمانه من أدنى متطلبات الحياة الكريمة، ووصوله إلى أخر مستويات المقاييس العالمية، في مختلف مناحي الحياة، “وأعادوا وضع الأذان إلى الحيطان”.
وعلّق المحامي عارف الشعال على مشروع تعديل القانون، بانتقاده عمل مجلس الشعب، بقوله :” بدلاً من ممارسة وظيفته في مراقبة السياسات الحكومية وانتقادها وتصويبها لتصب في مصلحة الناخبين، يتجه مجلس الشعب لتعديل قانون الجرائم الالكترونية نحو التشدد ليجعله قانوناً قمعياً يطال من ينتقد الحكومة أو سياساتها!!! (يعني على مبدأ: لا بيرحمك ولا بيخلي الله يرحمك) بكل الأحوال، الشعب السوري بذكائه الفطري لن يعدم وسيلة في تصويب سهام نقده للحكومة وأعضائها في الصومال وموزامبيق”.
خبرية بلس
ويجدر بالذكر أن نشير، إلى أنّ عضوة مجلس الشعب غادة إبراهيم، مقررة لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في المجلس، وجدت أنّ المشروع من دراستها له، ليس مخالفاً للدستور.
ومن الضروري أيضاً الإشارة على أنّ المادة 19، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، ورد فيها “أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير”.
كما أكّدت منظمة يونسكو “UNESCO“، في إعلانها الصادر عام 1979، على أنّ “ممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام، المعترف بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية”.
وتضمّن الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004، في مادته الـ 30، النص على “الحق في حرية التعبير والفكر”.
ونصّ الدستور السوري لعام 1950، في مادته الرابعة عشرة، على أنّ “تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل سوري أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، ولا يؤاخذ الفرد على آرائه إلا إذا تجاوز الحدود المعينة في القانون”.
وأيضاً نص الدستور السوري لعام 2012، والمعمول به حالياُ، في مواده 42 و 43 و 44 و 45 ، على “حرية التعبير عن الرأي، بحرية وعلانية، بالقول أو الكتابة وبوسائل التعبير كافة، كما نص على حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام، كما منح المواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً، وحق الإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور، وكذلك حرية تكوين الجمعيات والنقابات”.