عمليات ترحيل قسرية جماعية للاجئين السوريين من لبنان

أكّد مركز حقوقي في لبنان عمليات الترحيل القسرية الجماعية للاجئين السوريين من لبنان، في بيان اصدره أمس، وأن عمليات الترحيل “تعسفية” وتشكل انتهاك للوضع القانوني والسياسي للاجئين.

ووصف “مركز وصول لحقوق الإنسان” “Access Center For Human Rights” في بيانه، أنّ عمليات ترحيل اللاجئين السوريين بأنها “تجاهل صارخ” للقانون الدولي لحقوق الانسان.

وفي نسخة من البيان وصلت إلى موقع خبرية، أشار مركز “ACHR” إلى عمليتين منفصلتين في منطقتين مختلفتين في لبنان، قامت فيهما السلطات اللبنانية بتنفيذ عمليات ترحيل قسري.

ويخشى المركز “أن يكون ما يجري مؤخراً هو نتيجة الخطة التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية في أواخر عام 2022 والتي صرّحت فيها عن نيّتها بإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً دون الإفصاح عن مضمون تلك الخطة أو عن السبل التي ستتبعها الحكومة لتنفيذها”.

عمليات ترحيل قسري للاجئين السوريين في لبنان

الحادثة الأولى “قامت السلطات اللبنانية في نيسان/أبريل الجاري بتنفيذ عمليات ترحيل قسري بحق 64 لاجئًا سوريًا، وذلك على إثر مداهمات أمنية تعسفية في أماكن مختلفة في لبنان”.

الحادثة الثانية “تم ترحيل 29 لاجئًا سوريًا في عملية جماعية من قبل الجيش اللبناني في يومي 10 و 11 من نيسان/ إبريل الحالي، بعد تنفيذ مداهمة أمنية لأماكن سكن اللاجئين في مجمع حارة الصخر في منطقة جونيه.”

وأشار بيان ACHR إلى أنّ الجيش اللبناني نقل اللاجئين السوريين المعتقلين عبر المعبر الحدودي “المصنع” إلى منطقة تجاوزت الحدود
السورية – اللبنانية.

الحادثة الثالثة ” كما نفّذ الجيش اللبناني عمليات ترحيل قسري جماعية أخرى ل 35 لاجئًا سوريًا في منطقة وادي خالد في الشمال اللبناني، بعد مداهمة أمنية للجيش اللبناني لأماكن سكن اللاجئين في بلدة المزرعة في كفر دبيان ضمن قضاء كسروان، ثم نقلوا إلى ثكنة صربا العسكرية في جونيه، ومن ثم تم نقلهم إلى حاجز شدرا في عكار، الذين قاموا بدورهم تسليم اللاجئين إلى الفرقة الرابعة في الجيش السوري”.

المركز الحقوقي أشار إلى أنّ عمليات الترحيل هذه هي “انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأبرزها مخالفة لنص المادّة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونص المادّة 14 الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ونص المادّة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب”.

ترحيل السوريين من بيروت وتسليمهم للفرقة الرابعة في الجيش السوري

تناقلت صفحات المواقع الاجتماعية فيديو يظهر اعتقال دورية للجيش اللبناني، عائلة سورية في لبنان مكونة من اب وزوجته واولاده.

وأشار مقطع فيديو أخر إلى أنّ الاب هو منشق من الجيش السوري منذ عام 2014، فيما استقبلت قناة إعلامية أحد أقرباء الأب الذي أكّد أن المداهمة حصلت عند الساعة السادسة من صباح يوم أمس.

وقامت دورية الجيش باعتقال كل من لا يحمل أوراق نظامية، من اللاجئين السوريين بحسب تصريح المتصل الذي أكّد اتصاله بالمفوضية التي لم تقدم له أي مساعدة في الخصوص، سوى تسجيل الشكوى.

وناشد المتصل الجمعيات الانسانية والدولية، لكي لا يجري تسليم اللاجئ الذي من المتوقع أن يجري أعدامه في سوريا.

فيما تداول ناشطون أخرون أنّ كافة من يرحلون يجري تسليمهم إلى الفرقة الرابعة من الجيش السوري.

حقوق اللاجئين

يحق لجميع الأفراد طلب اللجوء والحماية من الاضطهاد والعنف بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، بما في ذلك حق الحصول على الحماية والمساعدة كلاجئين، ولا ينبغي انتهاك حقوقهم بأي حال من الأحوال.

و تنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه لا يجوز التعريض للترحيل القسري أو الاحتجاز غير القانوني، في حين تحظر المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان التعذيب والمعاملة السيئة أو اللاانسانية، بما في ذلك الترحيل القسري.

وبموجب المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، يحظر على الدول أن تعرض أي شخص للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ويتعين على الدول تطبيق الإجراءات اللازمة لحماية الأفراد من هذه الأشكال من المعاملة.

وتحظر المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الترحيل القسري لأي شخص إلى دولة يمكن أن يتعرض فيها للاضطهاد، وتسمح فقط بترحيل الأجانب الذين يقيمون بصورة غير قانونية في البلد، ولكن يتطلب ذلك تلبية جميع الالتزامات التي تترتب على الدولة بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية المعنية بذلك، ولا يجوز للدولة أن تتخذ أي إجراء يمكنها من تجنب الالتزام بهذه الالتزامات. ويجب على الدول التي ترغب في ترحيل الأجانب التحقق من أنهم لا يواجهون الاضطهاد في بلدانهم وأنهم لن يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة السيئة.

ويرى مركز ACHR أنه لا يجب ممارسة الإعادة القسرية على اللاجئين في الأراضي اللبنانية ونقلهم تعسفاً إلى سوريا لأنهم قد يواجهون خطر التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية، بالإضافة إلى غياب الشروط التي تضمن لهم الأمان والحياة الكريمة في بلدهم، علاوة على كل ذلك يتعارض ذلك مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حقوق اللاجئين، لذلك من المهم إيقاف تلك الترحيلات الجماعية القسرية وعوضًا عن ذلك إتاحة الفرصة للأشخاص الذين تصدر بحقهم قرارات ترحيل لممارسة حقهم في الطعن في تلك القرارات بالأساليب القانونية المرتبطة.

ودعى المركز الحقوقي في بيانه المجلس الأعلى اللبناني للدفاع في وزارة الدفاع بالتراجع عن قراره 2 الصادر في نيسان 2019 والذي كان له أثراً كبيرًا على شرعنة الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان من قبل الأجهزة الأمنية.

كما دعى أيضاً السلطات اللبنانية للإلتزام التام بالقوانين والاتفاقيات الدولية الموقع عليها.

وأيضاً دعى مفوضية اللاجئين لبذل جهد أكبر تجاه الإنتهاكات التي تجري في حق اللاجئين السوريين في لبنان ومن
أبرزها (الاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، التعذيب، الترحيل القسري).

مفوضية اللاجئين UNHCR

حذفت مفوضية اللاجئين UNHCR بيانها السابق بعنوان “تُعبر مفوضية اللاجئين عن قلقِها الشّديد إزاء الممارسات التّقييديّة والتّدابير التّمييزيّة ضدّ اللاجئين في لبنان” كانت قد نشرته بتاريخ 29 تموز الماضي.

والذي قالت فيه المفوضية أنّ “لبنان يشهد حالياً زيادة في التّوتر بين الفئات المختلفة، وبالأخص في العنف ضد اللاجئين، ممّا يُؤَدّي الى تصاعد اعمال العنف على الأرض في عدد من المناطق والأحياء”.

وعبرت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين (المفوضية) في لبنان في بيانها المذكور عن شعورها “بالقلق الشديد إزاء الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية التي يتمّ تفعيلها على أساس الجنسية، مما يؤثر على اللاجئين كما على غيرهم من الفئات المهمّشة”.

مجلس الدفاع الأعلى في لبنان

يتألف مجلس الدفاع الأعلى في لبنان من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزراء الدفاع، والخارجية، والمالية، والداخلية والاقتصاد، ويشبه الحكومة المصغرة ويهدف إلى تنفيذ “السياسة الدفاعية” للبلاد.

وقرر المجلس في جلسته بتاريخ 15 نيسان 2019 التصدي لتوطين السوريين في لبنان، واتخذ عدداً من القرارات “السرّية” المتعلقة بالمواطنين السوريين.

كان منها قرار بهدم الأسقف الإسمنتية التي تأوي اللاجئين في المخيمات.

والثاني ترحيل المواطنين السوريين الداخلين إلى لبنان دون المرور بالمعابر الرسمية.

لا صلاحية لمجلس الدفاع الأعلى بالترحيل

ويجدر الإشارة إلى أنّ مجلس الدفاع الأعلى ليس لديه صلاحية اتخاذ قرار بترحيل الأجانب من لبنان، كما أن هذه الصلاحية لا تعود إلى الأجهزة الأمنية كالجيش والأمن الداخلي الذين نفذوا أكبر عدد من عمليات الترحيل لغاية اليوم.

والقانون اللبناني يحصر قرارات الترحيل بحق الأجانب الذين دخلوا خلسة بالقضاء الجزائي بعد حصول الأجنبي على محاكمة عادلة يتسنى له خلالها تقديم الدفاع المناسب ضد عقوبة الترحيل (المادة 32 من قانون الأجانب الصادر في 10/7/1962).

كما نص القانون على صلاحية المدير العام للأمن العام بإصدار قرارات بترحيل الأجانب في حالات استثنائية حيث يشكل الأجنبي خطراً على السلامة والأمن العام (المادة 17 من قانون الأجانب).

ولا يمكن أن ينطبق هذا النص بشكل جماعي على مجموعة من الأجانب لمجرد مخالفتهم أنظمة الدخول (غير القانونية أصلاً)، كون هذا الخطر يحدد بشكل فردي ويستوجب رقابة وزير الداخلية.

يذكر أنّ وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عبدالله بوحبيب، كان قد استقبل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فريجسن، نهاية الشهر الماضي، وتم البحث في ملف النزوح السوري ، وكيفية الاستمرار في التعاون مع الوكالة مستقبلاً.