سوريا .. الكلب أغلى من الولد الثاني وسياسة التسعير الحكومي

صدر يوم أمس في سوريا، القانون المالي الجديد الخاص بالوحدات الإدارية، وبيّن في مواده الرسوم الخاصة لمختلف الأشغال والمنشآت، وبعض الضرائب الخاصة برسوم المحافظة والمطاعم والفنادق، والمنشآت الصناعية والإعلانات والملاه ورسوم معاينة الحيوانات واقتناء كلب، ورسوم ترخيص إنشاء الأبنية وإصلاحها، رسم تحسين قيمة العقار، ورسوم التعبيد والتزفيت و إشغال الأملاك العامة، ورسوم النظافة واللوحات، ونسب توزيعها بين المحافظات السورية.

وحمل القانون المالي الجديد في أحد طياته، رسوم جديدة لم تكن موجودة في السابق في البلاد، إذ بيّنت المادة الـ21 من القانون، رسم سنوي مقداره /15000/ ل.س خمسة عشر ألف ليرة سورية عن كل كلب، يستوفى من الوحدات الإداري عن الكلاب الخاصة، في كل سنة.

وأشارت المادة ذاتها إلى منح من يدفع هذا الرسم لوحة ذات رقم في كل سنة، وأنّ كل كلب /شارد/ لا يحمل لوحة سيتعرض للحبس والبيع خلال 48 ساعة إذ لم يطلبه صاحبه ويدفع عنه الرسم.

التعويض العائلي والكلب

وكان المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2021 ، قد صدر في 16 كانون الأول الحالي، والخاص بتعديل المادة الرابعة من المرسوم التشريعي /146/ لعام 1952 وتعديلاته الخاصة بالتعويض العائلي عن أفراد العائلة.

وأصبح التعويض العائلي بحسب المرسوم الجديد، لزوجة واحدة /3500/ ل.س، و /1500/ ل.س عن الولد الأول، و /1000/ ل.س عن الولد الثاني، و /750/ ل.س عن الولد الثالث.

ويمكن بحسبة بسيطة ملاحظة أنّ التعويض السنوي للطفل الأول يبلغ مقدار 18000 ل.س، والتعويض السنوي للطفل الثاني يبلغ مقدار 12000، وعن الولد الثالث يبلغ التعويض السنوي مقدار 9000.

أي أن الرسم الذي ستقوم الوحدات الإدارية بجبايته عن كل كلب، أصبح يزيد عن التعويض العائلي الذي تقدمه الحكومة لموظفيها عن الطفل الثاني أو عن الطفل الثالث، لكنه أقل من الزوجة والطفل الأول بقليل.

وقد أثارت المادة 21 بعض المتداولين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وجرى تداول الموضوع على طريقة النكتة، خاصة بعد تسريب نشرته منذ أيام جريدة الوطن، عن تعديلات قانون الجريمة الإلكترونية، سيضحي به المواطن السوري غير قادر على تسجيل أي ملاحظة وخاصة على مواقع التواصل، خوفاُ من الملاحقة القانونية بموجب التعديل إن صدر.

التسعير الحكومي

تستمر الحكومة السورية والتي يترأسها حسين عرنوس، بتقديم مراسيم وقوانين وأعمال، تؤدي إلى اندهاش المواطن السوري المستمر، والذي يزداد في حيرته مع صدور كل تعميم جديد.

وقد صرّح عرنوس في حديث سابق له عن حلول الحكومة السورية لسد الفجوة بين الدخل وتكاليف أدنى مستويات المعيشة في سوريا، قال بأن “هناك شريحة في المجتمع لن تتخلى الحكومة والدولة عن دعمها مهما حدث وسوف يستمر الدعم للمواد الأساسية لمعيشة المواطن ولاسيما لأصحاب الدخل المحدود”.

وزادت المفاجأة مع صدور زيادة في الرواتب، بحسب المرسومين 29 و 30، بزيادة مقدارها 30 في المئة من للعاملين المدنيين والعسكريين، و 25 في المئة للمعاشات التقاعدية، والتي كان المواطن يتوقعها أن تكون بمقدار مئة في المئة على أقل تقدير.

إذ أنّ الراتب الشهري الحالي ومع زيادته ما يزال في مجموعه السنوي أقل من خط الفقر الشهري، ولم يتجاوز الحد الأدنى للأجر للعامل السوري بعد الارتفاع الأخير 93000 ألف ليرة، أي ما يعادل أقل من 30 دولار أمريكي.

وبحسب مركز قاسيون، وصل وسطي تكاليف المعيشة للأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد، في نهاية 2021 إلى أكثر من مليوني ليرة سورية، أي ما يزيد عن 570 دولار أمريكي.

ومع إزدياد الفجوة، وتسارع القرارات المؤدي للتنصل من الدعم الحكومي للمواطنين، لا يعلم المواطن السوري من أين يستطيع أن يكمل تسديد كلفة غذائه الشهري ومعيشته هو وأسرته.

وأصبح التسائل الذي يدور في الشارع السوري، هل تنتهج الحكومة السورية، خطاً للقضاء على فقر المواطن، أم أنها تنتهج خطة للقضاء على المواطن ذاته؟!، وخاصة في سلوكيات العمل الميداني بعد أحداث مداهمة الجمارك لسوق البالة في دمشق منذ أيام.

وتجدر الإشارة إلى أن الرسم السنوي لاقتناء الكلب، يستثنى منه الكلاب المقتناة لحماية المواشي والمزروعات، بحسب المادة الحادية والعشرين من القانون المالي الجديد.